أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أن بلاده أمام مفترق طرق حتى تستكمل ما تحقق من مطالب الشارع، خاصة الانتخابات المقررة يونيو المقبل.
وقال الكاظمي خلال ترؤسه اجتماعا لدعم مفوضية الانتخابات، الإثنين، إن احتجاجات أكتوبر حققت عدداً من الأهداف التي وصفها بـ"الرئيسية"، من بينها وصول رئيس حكومة مستقل، وقانون انتخابات، مشددًا على ضرورة تطويق السلاح المنفلت، وإبعاد تأثيره عن صناديق الانتخابات.
وأضاف، أن "المهمة المركزية لحكومتنا هي إجراء انتخابات مبكرة، باعتبارها حكومة استثنائية بكل المقاييس، فهي نتاج لحراك شعبي من جهة، ومطلب للمرجعية والقوى السياسية التي تنشد التغيير من جهة أخرى".
وتابع أن "الحكومات المتعاقبة منذ 2003 جعلت من الفترة الانتقالية فترة مستديمة، وهذا يعد من أكبر الأسباب التي جعلت الآليات عقيمة، ونحن الآن على مفترق طرق، بعدما تحققت 3 أهداف أساسية في هذه الفترة الانتقالية .
وأشار إلى أن أول تلك الأهداف التي تحققت خلال الفترة الانتقالية التي يقودها، رئيس وزراء مستقل لا ينتمي إلى كتلة سياسية، وثانيها، مفوضية انتخابات مستقلة، وثالثا، قانون انتخابات منصف يفوز فيه من يحصل على أعلى الأصوات.
وأوضح رئيس الوزراء العراقي أن البلاد لديها فرصة للنجاح في استعادة ثقة الشعب بالدولة، والنظام السياسي والآليات الديمقراطية، وذلك بإقامة انتخابات نزيهة وعادلة من شأنها أن تحقق استقرار البلد.
وشدد الكاظمي على أنه لن يسمح للسلاح المنفلت بالتحرك، وتهديد حرية المواطن وأمنه وثقته بالعملية الانتخابية، مشيرا إلى أنه تم تحديد موعد للانتخابات، وإرسال قانون تمويلها، وزرنا المفوضية، وطلبنا منها تحديد احتياجاتها لغرض التصويت عليها في مجلس الوزراء، قائلا "ما اجتماعنا اليوم إلا دليل على جديتنا لإنجاز هذه المهمة التاريخية".
ولفت إلى أن العراق يحتاج من القوى السياسية والبرلمان حسم موضوع المحكمة الاتحادية، لكي نستكمل متطلبات العملية الانتخابية بالكامل.
وترأس الكاظمي في وقت سابق اجتماعاً موسعاً ضم الوزراء وعددا من رؤساء الهيئات المستقلة، والأجهزة الأمنية ومفوضية الانتخابات، لتفعيل آليات دعم مفوضية الانتخابات والعملية الانتخابية.
بعد أن كبحت جائحة كورونا، زخم حركة تشرين (أكتوبر) 2019 الإصلاحية، عاد الحراك مجدداً في يونيو/تموز بعد تعطل دام لنحو 4 أشهر.
الحراك كان بوقع أخف وطأة وأقل حضوراً مقارنة ببدايات انطلاقه، فيما اختلفت أسباب عودتها والدوافع التي تتحكم في درجة غليانها.
ترصد تطورات المشهد السياسي في العراق على مدار عام، وأهم المحطات والمواقف التي تضمنتها شهدها عان 2020، الذي لم يبق منه سوى ساعات معدودة.
الكاظمي وآمال التغيير
عند منتصف مارس/آذار ، ومع بدايات تسجيل حالات مؤكدة بجائحة كورونا في العراق، فرضت السلطات، إجراءات وقائية، توزعت ما بين حظر التجوال والحد من حركة المارة والتقيد بالمسافات الاجتماعية الأمنة، مما انعكس ذلك على العديد من النواحي والطقوس والممارسات، تجلى أثرها بشكل كبير على مشهد المظاهرات الغاضبة.
عاد المتظاهرون إلى التهدئة وإخلاء منصات التظاهر بانتظار أن تزول الظروف المانعة والنزول مجدداً إلى الساحات الاحتجاجية، إذ لم يكن وصول رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى منصة الحكم، يمثل جميع خياراتهم، وإنما هنالك مطالب أخرى معلقة من بينها محاكمة القتلة وتخليص البلاد من "حيتان" الفساد.
كانت حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة تحت وطأة ضغط شعبي، بعد أن أجبرتها الاحتجاجات على التنحي، اتهمت جهات سمتها بالـ"طرف الثالث"، في تنفيذ مجازر مروعة بحق المتظاهرين، في محاولة فسرها البعض على أنها هروب إلى الأمام والتنصل من المسؤولية.
حظر تجول في واسط العراقية بعد مقتل 3 متظاهرين
لكن خطاب الكاظمي ، بعد تسلمه المسؤولية قد أسهم في طمأنة الجماهير بعد أن أكد في أكثر من مرة على المضي في كشف الجناة وتقديمهم إلى العدالة دون مواربة ومهما تكون الجهات التي تقف خلفهم .
خطوات رئيس الوزراء المؤقت التي جاءت لتصحيح المسار السياسي والتي وصفت بـ "الإصلاحية"، حركت مواقف بعض القوى التي شعرت بخطورة ما يجري وأنها ستكون قرابين التغيير إذا ما تحققت، فعمدت إلى تحريك الأزمات وافتعال البعض منها، في مسع لخلط الأوراق وإضاعة الوقت دون تحقيق نتائج تتعارض مع بقائهم في المشهد العراقي.
المظاهرات مجددا وفصائل القتل
ساحات التظاهرات بدأت الحياة تعود شيئا فشيئا في مسع جماهيري واعي لممارسة الضغط على حكومة الكاظمي للمضي بإصلاحها التي أعلنت التزامها به عقب تسلم السلطة، حينها كانت المليشيات المسلحة تعاني التطويق وشلل الموارد بعد انتزاع المنافذ الحدودية من سيطرتها ، لكن "كواتم الموت"، ماتزال حاضرة لاصطياد من يهدد بفضح دولتها الخفية .
في الأثناء، عاد مشهد اغتيال الناشطين والكتاب وأصحاب الرأي، مجدداً من قبل جماعات مجهولة يُتهم بتبعيتها لإيران، ابتدأت في الـ6 من يوليو/تموز 2020، حين فتح مسلحون النار على الأكاديمي والخبير الأمني، هشام الهاشمي، وأردوه قتيلاً أمام منزل، بمنطقة زيونة، شرقي العاصمة بغداد .
وخوفاً من تكرار سيناريو عبد المهدي، انتظمت التظاهرات مجدداً وتزاحمت الصفوف في ساحات الاحتجاج، في تحد صريح لفصائل القتل ومحاولاتهم الرامية لإسكات الأصوات المدنية و المنددة بتفشي السلاح المنفلت ، فانطلقت على إثرها مظاهرة في بغداد سرعان ما امتدت إلى محافظات الجنوب.
البصرة وذي قار
البصرة، تنتفض مجدداً وتلتحق بها جارتها ذي قار، في اغسطس/آب، و مشاهد الفوضى تكتسح المدينتين بعد محاولات ترويع وملاحقة لناشطين والمتظاهرين، انتهت بجملة من الانتهاكات، وأعداد جديدة من القتلى في البصرة، بينهم الناشط المدني، تحسين أسامة الخفاجي والطبيبة ريهام يعقوب، إحدى أهم الرموز الاحتجاجية في المحافظة وبطريقة متشابهة في التصفية، بعد أن طاردهما مسلحون مجهولون وفتحوا عليهم النار .
الكاظمي وبعد أن أنهى زيارته إلى واشنطن، وقبل أن ينطفئ محرك طائرته وهي تهبط في بغداد، تدور من جديد وصولاً إلى محافظة البصرة لتدارك الأمر والسيطرة على الموقف الخطير آنذاك، متوعداً بملاحقة القتلى وإنهاء سطوة المليشيات.
الذكرى الأولى للانتفاضة
مع اقتراب شهر أكتوبر ، بدأ "التشرينيون" يستعدون لإحياء الذكرى الأولى لإنطلاق تظاهرتهم.
نزل المحتجون مجدداً وتوزعوا بين مدن جنوب وشرق العراق، لكنها انتهت في يومها عند جملة من المطالب، تركز أغلبها على "محاسبة القتلة ومحاربة الفساد" .
كانت للذكرى الأولى للحراك وقع أكبر، حيث شهدت اشتباكات بين محتجين وعناصر من الأمن العراقي، على إثر رمي زجاجات المولوتوف الحارقة ومهاجمة بعض العناصر التي وصفت بـ"المندسة "، حاجز صد أمني على جسر الجمهورية في العاصمة بغداد، بقنابل يدوية، أوقع عدد من القتلى والجرحى.
ولم تنته حدود الاشتباك وتبادل العنف عند العاصمة بغداد وحسب، وإنما امتدت إلى عدد من منصات التظاهر في عدد من المحافظات الأخرى في وسط وجنوب البلاد، مما أسفر عن مقتل شخصين وجرح نحو 70 أخرين، بحسب حصيلة أعلنت عنها السلطات الأمنية عشية تجدد احتجاجات الذكرى الأولى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق