بات من الواضح أن مجموعة متنوعة من التهديدات الجسيمة تعرض مستقبلنا للخطر ليس فقط وظائفنا ودخلنا، وثروتنا، والاقتصاد العالمي، بل أيضاً السلام النسبي، والازدهار، والتقدم الذي تحقق في السنوات الخمس والسبعين الأخيرة. على مدار أربعة عقود من الزمن بعد الحرب العالمية الثانية.
لم يكن تغير المناخ والذكاء الاصطناعي الذي يحل محل الوظائف التي يقوم بها البشر ليخطر على بال أي إنسان، ولم نكن نعرف مصطلحات مثل «انحسار العولمة» و«الحرب التجارية». لم نكن نتذكر حتى الجوائح الـمَـرَضية العالمية من الماضي ــ اندلعت آخر جائحة عالمية كبرى في عام 1918.
كان النمو قوياً، ونجحنا في احتواء الدورات الاقتصادية، وكانت فترات الركود قصيرة وضحلة، باستثناء الركود التضخمي في سبعينيات القرن العشرين؛ وحتى في ذلك الحين، لم تحدث أزمات ديون في الاقتصادات المتقدمة لأن نسب الديون الخاصة والعامة كانت منخفضة.
لم يكن هناك دين ضمني مرتبط بأنظمة معاشات التقاعد والرعاية الصحية لأن المدد من العمال الشباب كان في نمو في حين كانت نسب الشيخوخة معتدلة. ونجح التنظيم السليم وضوابط رأس المال في إخضاع دورات الازدهار والكساد وإبعاد خطر الأزمات المالية الكبرى.
والآن ينشأ خطر متزايد بشكل حاد ليس فقط من احتمال اندلاع حرب بين القوى العظمى بل أيضاً من نشوب صراع نووي. وفي العام المقبل، قد تتصاعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا لتتحول إلى صراع غير تقليدي يشمل حلف شمالي الأطلسي (ناتو).
وحتى مع استبعاد تهديد الصراع النووي، أصبح خطر نهاية العالم بسبب الكوارث البيئية في المستقبل شديداً على نحو متزايد. لقد أصبح التضخم الأخضر الجديد على أشده بالفعل، إذ تبين أن تكديس المعادن اللازمة لانتقال الطاقة يتطلب قدراً كبيراً من الطاقة باهظة الثمن.
ولا يخلو الأمر أيضاً من خطر متزايد الحدة يتمثل باندلاع جوائح مَـرَضية جديدة قد تكون أسوأ حتى من فاشيات الطاعون التاريخية، بسبب الـصِـلة بين الدمار البيئي والأمراض حيوانية المنشأ فقد أصبحت الحياة البرية التي تحمل مسببات أمراض بالغة الخطورة على اتصال أوثق وأكثر تواتراً مع البشر والماشية.
والوضع الاقتصادي ليس بأفضل. فاليوم، نشهد أسوأ العناصر في كل من أزمة السبعينيات وأزمة 2008 فقد تزامنت صدمات العرض السلبية مع نسب ديون أعلى حتى مما كانت عليه أثناء الأزمة المالية العالمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق