بعد عشر سنوات من سقوط حكم تنظيم الإخوان الإرهابي في مصر عام 2013 تشتتت الجماعة، ولم يعد بإمكانها التعبير إلا عبر منصات الخارج
تنشط جماعة الإخوان الإرهابية في أوروبا من جديد، عبر تفعيل أنشطتها المباشرة وغير المباشرة، ومؤسساتها المعروفة والمؤسسات المقنعة التي تستغلها وتوظفها لخدمة مصالحها وأهدافها.
يأتي ذلك رغم ازدياد الأصوات وجهود الرقابة على أنشطتها ومؤسستها، الناتج عن الربط بينها وبين مختلف جماعات التطرف العنيف، كالقاعدة وداعش، وفي إصرار على الحضور بعد الانحسار الكبير الذي شهدته الجماعة الأم وفروعها في منطقة الشرق الأوسط باستثناء حاضنتيها القطرية والتركية.
وهو ما يمكن إرجاعه إلى الزئبقية، التي تميزت بها جماعة الإخوان المحظورة دائما على مدار تسعين عاما حتى الآن، والتي يمكن تعريفها بالقدرة على التكيف والالتفاف وامتصاص الأزمات والتحرك نحو مسارات جديدة لها، وهذه"الزئبقية" قد نجد لها أساسا نظريا وأيديولوجيا عميقا في ادعائها الشمولية، وتركيزها الميكافيلي على الغاية التي تبرر الوسيلة، وعدم اتساقها الأيديولوجي والفقهي الذي يجمع الأضداد والمتناقضات داخل هذا " الشمول" مما يتيح ازدواجية الخطاب ولفوفية الممارسة والقدرة على الانفلات وخداع الأساليب والمنصات.
من الانحسار إلى تجديد النشاط في أوروبا عبر المنصات القديمة مثل الجماعة الإسلامية في ألمانيا (GID) التي تأسست عام 1958، الفرع الألماني للإخوان المسلمين في أوروبا الذي أسسه عراب الإخوان في أوربا وصهر حسن البنا "سعيد رمضان" عام 1958، وكان يرأسها الألماني المصري الأصل “إبراهيم الزيات”.
اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا الذي تأسس عام 1989 والتشكيلات القائمة وكذلك بعض التمثيليات الجديدة التي تمولها دولة قطر ويديرها الإخوان بشكل غير مباشر، مثل صندوق ANELD الذي أسسته ومولته قطر بإجمالي مائة مليون يورو بالتنسيق مع الحكومة الفرنسية، لتمويل مشروعات ريادة الأعمال للمسلمين بضواحي باريس الأكثر تهميشاً وكثافة مغاربية من أبناء المهاجرين من الجيلين الثاني والثالث والتي يوجد فيها التيار الإخواني والسلفي.
لم يؤثر حدث في الإخوان كما فعلت ثورة 30 يونيو التي خلعتهم من الحكم، فقد كانت أبرز الخسائر تشظي الجماعة، واتساع الخلاف بين أعضائها حول ما كان يتم اعتباره يوما "مبادئ تأسيسية" والصراع الجيلي والشتات الفكري والتنظيمي معا.
وبعد خمس سنوات من سقوط حكمها في مصر عام 2013 تشتتت الجماعة بين قياداتها الهاربة والباقية خارج السجون، وشلت حركتها داخليا، ولم يعد بإمكانها التعبير أو حتى الالتحام بالداخل إلا عبر منصات الخارج المنفصلة عنه.
فقد باتت الجماعة الإرهابية المحظورة بلا أنياب وتكاد تنهار بنيتها التكوينية في ظل استمرارها في تركيز جهودها على رعاية السجناء وأسرهم ومحاولة إشاعة اليأس بين المصريين؟!، ومنذ أن أعلنت الحكومات المصرية والسعودية والإماراتية جماعة "الإخوان المسلمين" تنظيماً إرهابياً في أواخر ديسمبر 2013، لم يعد لها مقر للقيادة.
وصارت جميع مقراتها تخضع للحكومة وأموالها تخضع للرقابة، وتم حظر جميع أنشطة "الإخوان"، وأي مؤسسة متفرعة عنها أو تابعة لها، أو تتلقى منها دعماً مالياً بحكم القانون، ويقبع أبرز قادتها في السجون ولكن فر القليل منهم إلى الخارج بحثا عن ملاذات آمنة في قطر وتركيا أو في بعض البلدان الأوروبية، كبديل ومحاولة استنفار واستعادة لحضورها المفقود في مواطنها السابقة، في مصر أو في الإمارات والمملكة العربية السعودية التي اتخذت المواقف نفسها من هذه الجماعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق