الرسم بالقهوة وبقايا الطعام أو الثياب، وحتى الغبار المتراكم على ألواح زجاج النوافذ والمركبات، وغيرها من الأشياء يوظفه بطريقته معتمداً على إحساسه فقط. يستهويه الغوص بالتحدي لأقصى ما أمكنه كي يعيد تكوين المشهد الفني بروحه وبأدواته المتوفرة، مهما كانت جامدة، وينعشها عبر ترتيبها مانحاً من روحه وطريقته الخاصة النبض، ومبرزاً الجمال بين ثناياها
لا يتوانى رسام القهوة والفواكه من حجز مساحة واسعة لأعماله خارج حدود المكان، يستخرج من ألوان الفواكه والطعام مكونات لـ "طبخة فنية" لذيذة ومتناسقة، فيستحضر الأحمر من الرمان أو الفراولة والأخضر من حشائش الأرض.
يتعامل بذكاء مع تطوع كل الأغراض المتوفرة بين يديه محولاً إياها إلى وجوه لأشخاص عاديين أو لمشاهير الدراما ونجوم الفن والسياسة والإعلام، ومجسداً الموضوعات والقضايا الحياتية والاجتماعية والمعيشية للناس كالهجرة والاغتراب بأسلوب ممتع.
الفنان الشاب يزن المنحدر من قرية بكا، الواقعة في محافظة السويداء جنوب سوريا، ومنذ عقد من الزمن احترف الرسم وحقق حلمه بدرس الفنون الجميلة، وتمكّن من إحراز معدل ممتاز بمشروع تخرجه من كلية الفنون بجامعة دمشق.
اطلع عبر دراسته الجامعية على تاريخ الفن، وأُسس ومبادئ الرسم بكافة مدارس الفن التشكيلي وتنوعها، واليوم يتفرغ الشاب السوري لفنه هذا على الرغم من محبته للدراسة الجامعية، إلا أنه أفلت من كل القواعد والقيود، وبات يعيد تشكيل الأشياء بشغف جامح، وطموح لتحطيم أرقام قياسية كما قال لـ "اندبندنت عربية".
يروي رسام القهوة لكونه شديد التأثر بالقضايا الإنسانية أو ما يحيط به سلباً أو إيجاباً، "أكره التقيد والفن لا حدود له، خاماتي تزيدني مهارات وتجعلني اكتشف أشياء جديدة على الدوام"
وفي غمرة كل ما يتلقاه السوريون من رياح تعصف بحياتهم ومقدرات معيشتهم اليوم، وما يتكبدون من مشاق وآلام الحرب، والأيام السوداء حزناً وأسى، ترتسم بالمقابل صورة مشرقة لشبابها الخارجين عن المألوف، والمصممين على العمل والعطاء والإبداع، ومع كل الظروف القاسية التي مرت بالفنان رزق، فضّل أن يحمل وطنه معه مقرراً التوجه إلى لبنان بلده الثاني بحسب قوله.
هي هجرة لترتيب الأوراق وفي جعبته مشاريع ليقيم معارضه الخاصة، ولهذا السبب تفوح من لوحاته رائحة خبز الوطن وعبير زهوره، وترى فيه حنان الأم، لكن بالمقابل تلمس معاناة شعبه المنكوب. إزاء ذلك يعتقد الفنان يزن "أن أبرز القضايا التي تناولتها تتمحور وتتعلق ببلدي سوريا، ومعاناة شعبها في ظل الحرب الصعبة ومعاناة الشباب وضياع مستقبلنا وطموحاتنا".
في هذا الجانب يلقي رزق بألوانه الحمراء والسوداء باعثاً الضوء على تلك الأوجاع الصامتة، والجروح غير المندملة "رسمت عن الهجرة والدمار الذي حلّ بمدن بلدي وتشرد النساء والأطفال، والحالة الاجتماعية والاقتصادية المزرية"
تعليق