الثلاثاء، 23 أبريل 2024

MB

الهجمات الأخيرة ودلالات على عودة داعش أكثر توحشاً في سوريا

MB بتاريخ عدد التعليقات : 0

الحوادث الأخيرة الذي نفذها داعش تشكل صورة عن وضع التنظيم

الهجمات الأخيرة ودلالات على عودة  داعش أكثر توحشاً
 في سوريا

تتصاعد وتيرة الهجمات التي ينفذها تنظيم داعش الإرهابي في البادية السورية مؤخراً، ومع زيادة الأحداث والطفرة التي تشهدها تحركاته الميدانية لاستهداف المدنيين وبعض العناصر الأمنية والعسكرية سواء من قوات الجيش العربي السوري في دمشق أو الإدارة الكردية الذاتية لشمال وشرق سوريا التي يشكلها تنظيم قوات سوريا الديمقراطية "قسد" الإرهابي، فإن مراجعة هذه الحوادث تؤكد أن انحسار التنظيم الإرهابي وهزيمته العسكرية وتلاشي وجوده الجغرافي الذي عرف بدولة الخلافة المزعومة، يحتاج إلى تصفية جيوبه والتي ما تزال تنشط وتقوم بتفريغ هذه الذئاب المنفردة التي لا تكف عن شن الهجمات المباغتة وتحقيق خسائر.

بيئة تساعد على إعادة التنظيم 

غير أن الأمر الآخر اللافت هو قدرة فلول تنظيم داعش الإرهابي الذي سيطر على مساحات شاسعة في سوريا والعراق قبل هزيمته في آخر معاقله عام 2019 على يد قسد على التموضع الميداني من جديد، وهو مؤشر آخر على إمكانياته في التجنيد والاستفادة البيئية التي تشكل له فرصة للانتشار أو إعادة تنظيم صفوفه.

والبيئة هنا بمعنى الجغرافيا والسيولة الأمنية، فضلاً عن مرجعيتها الثقافية التي تحتاج إلى تعديل ونبذ للأفكار المتشددة وتصفية القيم التقليدية التي تجعل الفرصة مواتية لعناصر جدد من الإرهابيين.

عناصر خاملة

بالتالي، فإن الهجمات المتكررة لا تبدو صورة خارج الإطار المعهودة للتنظيمات المسلحة والإرهابية التي تتعرض لهزيمة عسكرية تؤدي لتراجعها وتشتيت عناصرها، كما أن تحذيرات قسد ونداءاتها المتكررة لاستكمال مهام محاربة داعش تجعل العمليات الإرهابية متوقعة، حيث إن التنظيم له خلايا ما تزال تعمل في الخفاء وبسرية وتعتمد استراتيجية الخمول.

بل إن عناصر داعش الإرهابية داخل المخيمات التي تسيطر عليها القوات الكردية كما في مخيم الهول هم عبارة عن قنابل متفجرة وألغام بمقدورها وضع الأطراف كافة والقوى المحلية والإقليمية والدولية على الحافة. إذ إن بقاء الوضع دون حسم يجعل البيئة السياسية والأمنية غير ضلبة ويجعل فرص توسع إرهاب داعش في تزايد.

داعش ومحاولات إعادة التموضع

سبق أن أكد الناطق الرسمي بلسان قسد، اعتقال عناصر من تنظيم داعش في مدينة الحسكة شرق سوريا، وقد كشف عن تقديراته بخصوص أعداد عناصر التنظيم على الأراضي السورية والتي تبلغ نحو 10 آلاف مقاتل من داعش يعملون بشكل غير معلن وفق تقديراته.

وقال الناطق الرسمي، إن الدلائل والشعارات توحي بأن التنظيم بدأ عمليات فردية وجماعية لاستهداف القوات العسكرية ووجهاء العشائر وحتى الموظفين في الإدارة الذاتية. وصرح الناطق الرسمي في شباط - فبراير الماضي أن التنظيم ما زال قادراً على القيام بجرائم إرهابية، لافتاً إلى أن عمليات قوات قسد المضادة للتنظيم تشير إلى أن داعش بدأ بجمع صفوفه.

تقرير المرصد السوري لحقوق الإنسان

وقد تزامن تصريح الناطق الإعلامي باسم قسد مع تقرير المرصد السوري لحقوق الإنسان، والذي ذكر أن التنظيم المصنف على قوائم الإرهاب تسبب في مقتل ما يزيد عن 100 مدني وعسكري في سوريا، وذلك إثر تنفيذ نحو 50 عملية منذ مطلع العام الحالي. وقال إن تلك الخلايا تعتمد على تكتيك الهجمات المباغتة وزراعة الألغام لإيقاع القتلى ضمن صفوف قوات الجيش السوري والمسلحين الموالين لها، بالإضافة إلى تسبّبها بمقتل مدنيين خلال هذه الهجمات.

باقٍ ويتمدد

نهاية آذار - مارس عام 2019، نجحت قوات سوريا الديمقراطية في كتابة الفصل الأخير من هيمنة التنظيم الإرهابي على مناطق شمال وشرق سوريا، بعد تحرير آخر معاقله في منطقة الباغوز، المتاخمة للحدود السورية العراقية.

لكن التنظيم الذي اتخذ لنفسه شعار (باقٍ ويتمدد) ليبعث الخوف في صفوف العالم وينشر الرعب بينما يلقي الدعاية لحواضنه، ومن ثم سعى بكل طاقته الاستفادة من البادية السورية بجغرافيتها الممتدة والشاسعة لتكون نقطة مركزية في انطلاق عملياته الإرهابية، ومحاولة توسيع أنشطته الأمنية ووجوده العسكري، فضلاً عن التموضع الميداني وإعادة تشكيل هياكله الأمنية والعسكرية.

موارد مالية ضخمة

وبالرغم من عدم وجود أعداد معروفة لعناصر التنظيم في وسط سوريا والبادية الشرقية إلا أنهم يقدرون بثلاثة آلاف مقاتل، وفي حين تعاني تلك المنطقة من وضع اقتصادي مزري، فإن التنظيم يعتمد على موارد مالية ضخمة أبرزها فرض الضرائب و الأتاوات على السكان المحليين والتجار، وكذلك الغنائم التي يستولي عليها من خلال عمليات نصب الكمائن لأي قوات تتواجد في مناطقه، بالإضافة إلى استفادة تنظيم داعش من مخزونه من المال والسلاح عندما كان في أوج سيطرته أعوام 2016 -2017، وفق معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.

عامل قوة الجغرافية المعقدة

ولفت معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إلى أن جغرافية مناطق انتشار داعش الحالية في سوريا تشكل عامل قوة للتنظيم تمكنه من إعادة تنظيم نفسه، حيث يستفيد من غياب أي إرادة عسكرية حقيقة لمكافحة التنظيم في تلك المناطق.

فهذه المنطقة إما خالية من أي قوة عسكرية محلية أو مشغولة من قبل قوات السلطة في دمشق وحلفائها مثل روسيا وإيران وهذه القوات تعمل فقط على تأمين وجودها على الطرقات الرئيسية المؤدية إلى الحواضر الأساسية مثل مدن دير الزور وحمص ودمشق.

وأضاف معهد واشنطن أن التضاريس المعقدة من صحراء وجبال تساعد أيضاً تنظيم داعش في عمليات التمويه والاختباء وكذلك في إنشاء معسكرات التدريب العسكري والأيديولوجي المتطرف.

كما يسمح هذا الموقع لداعش بالحفاظ على خطوط الدعم الخارجية في كل من العراق وتركيا وتفعيل مصادر الدعم اللوجستي من داخل سوريا. وانفتاح جغرافية الصحراء السورية الوسطى إلى الصحراء العراقية وصولاً إلى جبال حمرين ومناطق مخمور العراقية، يمكن داعش من تفعيل شبكات التهريب بسهولة وتوفير الدعم اللوجستي له في سوريا.

تهديدات استراتيجية خطيرة

تقديرات معهد واشنطن لا تختلف عن التحذيرات التي تطلقها قسد بين الحين والآخر، وتبدو المقاربة واحدة، حيث إن الإدارة في شمال شرقي سوريا، تصر على أن داعش رغم هزيمته العسكرية إلا أنه يشكل تهديدات استراتيجية في ظل شروط عديدة تجعله قائماً بمخالب عديدة، لا سيما أن هناك إلى جانب البيئة الجغرافية والسياسية والأمنية وفقدان الردع العسكري، توجد البيئة الاجتماعية والثقافية التي تتوافر من خلال التنظيمات المماثلة في الفكر والأيدولوجيا لداعش في مناطق نفوذ تركيا شمال غربي سوريا وفي إدلب. وهي جماعات كلها تعتنق الفكر السلفي الجهادي القائم على معادلة التكفير والعنف، والقتل باسم المقدس، وأنهم النسخة الوحيدة من الإسلام الصحيحة والسليمة التي يتعين تطبيقها قسراً.

خطر الجيش الوطني السوري

كما إنه من المعروف أن فصائل ما يعرف بالجيش الوطني السوري في شمال غرب سوريا، والمدعومة من أنقرة، جميعها تحمل فكر تنظيم القاعدة الإرهابي، إلى جانب أن عناصره هم بالأساس من فلول داعش والقاعدة وقد تمكنوا من الهرب والانتماء لجسم تنظيمي عسكري آخر يوفر لهم امتيازات جديدة ويتم تأدية نفس المهام. كما لا يخفى على أحد تاريخ هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقاً" المتنقل بين داعش والقاعدة يبدو معروفاً ومعلناً.

تطوير هيكليات أمنية 

وبالعودة لتقرير معهد واشنطن فيقول أنه لتسهيل عودته مرة أخرى، يقوم تنظيم داعش حالياً بتطوير هيكليات أمنية (ولايات أمنية) تنطلق من الصحراء السورية وتنتشر على شكل خلايا أمنية تنشط في مناطق مختلفة من سوريا وبالأخص في أرياف كل من دير الزور والرقة والسويداء. وتكمن مهمة التنظيم عبر هذه الخلايا بضرب قيادات الحكم المحلي في شرق الفرات والعمل على بث الرعب بين العشائر العربية هناك لضمان عدم الانضمام إلى صفوف قسد وكذلك لتأمين شبكات التهريب لجلب العناصر الجدد إلى الصحراء السورية.

عودة أكثر توحشاً

وقبل نحو يومين، أعلن المرصد السوري مقتل 18 شخصاً بينهم 4 من عناصر قوات الدفاع الوطني السوري وإصابة 16 آخرين وفقدان أكثر من 50 شخص، في هجوم شنه مسلحون، يرجح أنهم تابعون لخلايا تنظيم داعش، في بادية كباجب بريف دير الزور الجنوبي. وقال المرصد إن هؤلاء المستهدفون حوصروا في المنطقة، أثناء جمع مادة الكمأة، حيث جرى استهدافهم بالأسلحة الرشاشة. ولفت إلى أن اشتباكات عنيفة اندلعت إثر ذلك بين خلايا التنظيم وعناصر قوات الدفاع الوطني السوري، تخللها حرق 12 سيارة في مكان الاشتباك.

وحول خطورة التنفيذ، فإن مراجعة نشاط التنظيم من الناحية الكمية، تجعل المخاطر تبدو واضحة ومباشرة، والتحديات ملحة، خاصة على المناطق القريبة والمتاخمة من شمال شرقي سوريا والتي تبدو طاقتها الأمنية ستعاني من نزيف متواصل يثبط قدرتها على التنمية والاستقرار.

ويقول المرصد السوري في تقرير نهاية العام الماضي، إن التنظيم نفذ حوالي 336 عملية في مناطق الحكومة السورية وإدارة قسد، وقد أودى ذلك بحياة نحو 700 شخصاً من المدنيين والعسكريين. فيما اعتبر أن التنظيم الإرهابي يسعى من خلال عملياته التي شهدت قفزة لافتة عام 2023 إلى بعث رسائل مفادها أن التنظيم سيظل باقياً.

وتابع المرصد السوري، إن داعش نفذ 165 عملية ضمن مناطق الإدارة الذاتية حيث تتواجد قوات قسد، عبر هجمات مختلفة منها اغتيالات بإطلاق الرصاص، القتل بأدوات حادة، وزرع عبوات ناسفة وألغام. وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل 120 شخصاً في مناطق الإدارة الذاتية بينهم 26 مدنياً، والباقي من قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي.

مرحلة إعادة التشكل

في المحصلة، الحوادث الأخيرة الذي نفذها داعش أو ما سبقها من حوادث مماثلة، تشكل صورة عن وضع التنظيم الذي ما زال يؤدي عدة أدوار ويستفيد من جملة أوضاع ويتحرك في داخل جيوب وحواضن توفر له الملاذات الآمنة والقدرة على التخفي والعمل من دون تهديد أو تعقب وتضييق.

فالناحية التنظيمية قد تعرضت لضربة لم تكن هينة، وتلاشي الدولة المزعومة بعد استفحال الخطر كان لحظة قاصمة، إلا أن الخبرات الحركية التاريخية للجماعات الإرهابية والمسلحة مثل (بوكو حرام، والقاعدة، وطالبان، والإخوان المسلمين) تشي بملمح وحيد، وهو أن لديها القدرات على تلقي تلك الصدمات والاستجابة لها والبحث عن شروط جديدة للتواجد حتى مع سنوات الخمول أو الشتات والضعف.

بل إنها تكون فرصة أحياناً للتموضع السياسي والميداني من جديد والعودة بصورة أكثر توحّشاً وبطشاً وقوة وعدوانية بعد مرحلة إعادة التشكل وبناء الهياكل الأمنية وغيرها.

أولويات تنظيم داعش

النصف الثاني من العام الماضي، أوضحت مراكز دراسات إلى أننا بصدد حرب بلا نهاية، وقال إن سعي تنظيم داعش لتقوية صفوفه يجعله يركز خلال المرحلة المقبلة على عدة أولويات تمثل المحدد لمستقبله على المدى القصير. يتمثل أولها في استمرار وجوده في البادية السورية، باعتبارها ملاذاً آمناً مثالياً ونقطة انطلاق لعمليات الكر والفر، التي تستهدف طرق الإمداد ومحيط البادية، مثل دير الزور والسلمية. وثاني هذه الأولويات، الاستمرار في دعم نظريته الدعائية بهدف الاستقطاب البشري إلى صفوفه، والدعم المعنوي لفروعه المنتشرة في العالم عبر تأكيد وجوده القوي في سوريا والعراق، المنطلق الرئيس ومعقل خلافته الأولى. ففي إطار تحقيق هذا الهدف، قد يسعى التنظيم إلى إيصال ضربات قوية لخصومه في عمق مناطق سيطرتهم على غرار تفجير السيدة زينب، أو اقتحام سجن الصناعة في الحسكة، في شباط - فبراير 2022.

وتابعت الدراسة أن ثالث أولوياته يتمثل في إيجاد موطئ قدم له في الحواضر المدنية على شكل خلايا أمنية لاستهداف الخصوم وتجنيد عناصر جدد. وفي هذا الإطار، يعمل التنظيم على بناء قاعدة لحضوره في المناطق الحضرية، وتشكل عماد هذه القاعدة خلايا أمنية عسكرية مهمتها تنفيذ عمليات خلف الخطوط مثل عملية التفجير في السيدة زينب، وأخرى تنظيمية تسعى لكسب أنصار جدد وضمهم إلى صفوفه. وعادة ما يكون لهذه القواعد دور مالي من خلال استثمار بعض الأصول المالية للتنظيم في أعمال تجارية تصب في خزينته.

أعداء تمنع انتشار التنظيم

من المرجح، على المدى القصير، أن يمضي تنظيم داعش في محاولاته لبناء هذه القواعد، وسط خيارات صعبة، في مناطق عدة من سوريا، وفق الدراسة، والتي ترى أن من أهمها إدلب، لكن لن يصبح للتنظيم فرصة كبيرة في التوسع داخل المحافظة، على خلفية وجود خصم قوي مناهض للتنظيم هو هيئة تحرير الشام، التي تلاحق خلايا التنظيم وتعتقلها بشكل مستمر، بالإضافة إلى العمل الاستخباراتي التركي والأميركي داخل المحافظة، الذي راح ضحيته عدد من قادة التنظيم.

هذا فضلاً عن شرق الفرات، حيث لدى داعش نشاط مستقر منذ سنوات في شرق الفرات عبر خلاياه الأمنية، كما يستغل التنظيم الخلافات القومية بين العرب والكرد لتوسيع نفوذه.

إلا أن احتمال توسعه بشكل كبير ضئيل نظراً لوجود القوات الدولية لمكافحة الإرهاب، وعلى رأسها القوات الأميركية. وعلى المستوى الشعبي، لا يزال قسم كبير من السكان يميل لخيار الإدارة الذاتية، باعتبارها أقل الأطراف سوءاً

الهجمات الأخيرة ودلالات على عودة  داعش أكثر توحشاً في سوريا
تقييمات المشاركة : الهجمات الأخيرة ودلالات على عودة داعش أكثر توحشاً في سوريا 9 على 10 مرتكز على 10 ratings. 9 تقييمات القراء.

مواضيع قد تهمك

تعليق