الأحد، 23 أكتوبر 2022

شربل

مدى تأثير الاوضاع السياسية في الحركة الاقتصادية في البلاد العربية

شربل بتاريخ عدد التعليقات : 0

السياسة و الاقتصاد

منذ أنهيار الخلافة العثمانية وقيام الكيانات العربية ومن ثم قيام الكيان الصهيوني عام 1948 ، سادت في عالمنا العربي والأسلامي معادلة قامت على ثنائية متناقضة بين تفوق وهيمنة المشروع الغربي والصهيوني وبين الأخفاق وعدم القدرة على قيام مشروع مواجهة يستند الى مقومات ثقافية وذاتية لشعوب المنطقة ، هذه الثنائية كانت محكومة ببعدها الغربي والصهيوني الى أحد المرتكزات التي ساعدت على ضمان أستمرار هذا الخلل ، هذا المرتكز هو الحرب الناعمة التي تجلت بأبعاد شتى منها السياسي والأقتصادي والثقافي والديني.

أن الوجه المقابل للأنهيار السياسي والتفتت العربي يستتبعه وضع اليد على الموارد الطبيعية وتنظيم أقتصاد المنطقة وفق المنظور السياسي المهيمن ، وهي تمثل بعداً آخر من الحرب الناعمة الذي يتيح لأسرائيل تأكيد هيمنتها على العالم العربي والأسلامي دون الحاجة لمزيد من الحروب.

ويأتي كتاب شيمون بيريز "شرق أوسط جديد" ليكمل الفكر التسلطي من خلال أهمية التطبيع بأعتباره أحد الأساليب الناعمة وفتح الحدود بين أسرائيل والعرب ، مع تأكيد مسبق على أهمية المواصفات للسلع المتبادلة وضرورة الأخذ بنظر الأعتبار كلفة الأنتاج في الدول المعنية مع تهميش واضح للسلع الزراعية على حساب السلع الصناعية حيث التكنولوجيا الأسرائيلية متفوقة ، وعروض الشراء ستتوالى من كلفة دول المنطقة.

علماً أن المشروع الأقتصادي الأسرائيلي للشرق الأوسط ينطلق من عدة حلقات بالتوجه السياسي لكل حلقة، مثلاً أن مبدأ التكامل الأقتصادي بين أسرائيل والفلسطينيين والأردنيين كحلقة أولية ضرورية لتكبر بعدها الحلقات بقدر ما تتطور عملية الأنفتاح السياسي والتطبيع الشعبي.

ولكن النظرة الأقتصادية السريعة الى هذه النواة الأولية تظهر تفوق أسرائيلي واضح صناعي وتجاري وحتى زراعي عن كل من الأردن وفلسطين ، علماً أن متوسط دخل الفرد في أسرائيل هو في حدود الستة عشر الف دولار ، بينما في الأردن يقع في حدود الاربعة آلاف دولار ، وفي الضفة الغربية وقطاع غزة لا يتجاوز الألفي دولار.

أن الفروقات الكبيرة في معدلات الدخل ستزيد الخلل في التبادل السلعي بين البلدان الثلاثة ، وستبقى الأرجحية للسلع الاسرائيلية وسيلعب الأقتصاد الفلسطيني ومن ثم الأردني دور الوسيط في تصريف الأنتاح الأسرائيلي على باقي الدول العربية.

وتستكمل فكرة السوق بتوسيع شبكة الطرق التي تربط أسرائيل بجيرانها العرب وتركيا من خلال خط ساحلي يمر بأسرائيل - فلسطين - مصر ، وخط ثاني من أسرائيل - لبنان - سوريا فتركيا ، وثالث يربط أسرائيل بالأردن فالعراق.

هذه الأولوية للطرق التي تنطلق من أسرائيل تعطي الأفضلية على باقي الطرق التي لا تمر حكماً بأسرائيل ، وهذا يظهر بشكل جدي الأفضلية المعطاة للطرق السريعة التي ستمر بأسرائيل ، بينما غيرها يهمل أو يؤجل ، لنا مثال على ذلك في لبنان البلد المنهك من سنوات الحرب الطويلة التي مر بها ، إذ نرى حكومة الرئيس رفيق الحريري الأولى سارعت فور تشكيلها الى مواكبة عمليات المفاوضات برسم خطط لتوسيع الطريق الساحلي من الناقورة في الجنوب حتى الحدود السورية ، بينما أهملت الأوتستراد العربي الذي يربط بيروت دمشق بباقي الدول العربية.

مدى تأثير الاوضاع السياسية في الحركة الاقتصادية في البلاد العربية
تقييمات المشاركة : مدى تأثير الاوضاع السياسية في الحركة الاقتصادية في البلاد العربية 9 على 10 مرتكز على 10 ratings. 9 تقييمات القراء.

مواضيع قد تهمك

تعليق