الخميس، 8 ديسمبر 2022

شربل

من أجل واقعية سيبرانية لا توجد حلول تقنية لمشاكل جيوسياسية

شربل بتاريخ عدد التعليقات : 0

هجمات سيبرانية

في سبتمبر ( أيلول) 2015، وقف باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة إلى جانب نظيره الصيني شي جينبينغ في "حديقة الزهور" في البيت الأبيض كي يعلن عن صفقة تاريخية هدفها كبح التجسس الاقتصادي في الفضاء السيبراني [الفضاء الافتراضي للإنترنت.

جاء نطاق الاتفاق متواضعاً، إذ لم يلزم الصين والولايات المتحدة إلا بالكف عن سرقة (أو المساعدة على سرقة) الملكية الفكرية عبر الفضاء السيبراني للإنترنت من أجل تعزيز الصناعة المحلية. كان وعداً من السهل على الولايات المتحدة أن تقطعه على نفسها، باعتبار أن واشنطن قد حظرت قبل وقت طويل على المؤسسات الاستخباراتية الأميركية الانخراط في عمليات تجسس اقتصادي لمصلحة شركات خاصة.

في المقابل، شكل الأمر تعهداً غير مسبوق بالنسبة إلى الصين التي انهمكت قواتها المسلحة ووكالات استخباراتها منذ ما يزيد على عقد من الزمن، في عمليات سرقة هائلة عبر الفضاء السيبراني طالت الملكية الفكرية وأسرار الدولة من الولايات المتحدة، من أجل أن تستفيد شركات صينية منها.

 وعلى نحو مماثل، جاء الاتفاق غير مسبوق بسبب الكيفية التي حصل بها. ففي الأسابيع التي سبقت احتفال "حديقة الزهور"، هدد أوباما بفرض عقوبات على شركات ومواطنين صينيين كانوا يواصلون استهداف شركات الولايات المتحدة بهجمات سيبرانية، أو يستغلون الملكية الفكرية المسروقة في تحقيق مكاسب تجارية.

إذ شكل أول التهديدات- تاريخياً- التي يطلقها أي رئيس أميركي كرد على التجسس الاقتصادي الصيني، ولذا فقد جرى ضبطت معاييرها بحيث لا تقتصر على مجرد معالجة نشاطات الصين السيبرانية، بل تشمل أيضاً أهدافها الأوسع اقتصادياً واستراتيجياً.

 وفي الأسبوع السابق على زيارة شي جينبينغ، خاطب أوباما قادة الأعمال التجارية مؤكداً، وفق كلماته، أن "نحن نحضر مجموعة من الإجراءات التي ستدل الصينيين على كون هذا الأمر ليس مجرد مسألة تنم عن انزعاجنا بصورة معتدلة، بل إنها قضية ستشكل ضغوطاً كبيرة على العلاقات الثنائية، إذا لم يجر حلها". وتابع "إننا مستعدون لاتخاذ إجراءات مضادة تبطل فائدة تلك الهجمات، من أجل جذب انتباههم".

 في أول الأمر، أحرز الاتفاق نجاحاً محدوداً. ففي 2016، انخفضت عمليات الاختراق من قبل المجموعات التابعة للحكومة الصينية، إلى مستواها الأدنى في ما يزيد على عشر سنوات. وتمتعت الشركات الأميركية في السنتين التاليتين بفترة راحة قصيرة من هجوم لم يكن ليتوقف يشنه قراصنة تابعون للقوات المسلحة والاستخبارات الصينية. بيد أن الانفراج لم يدم لفترة طويلة. ففي 2018،

شن الرئيس دونالد ترمب حرباً تجارية أضعفت قدرة الولايات المتحدة على التأثير اقتصادياً في الصين، وقلصت أيضاً الحوافز بالنسبة للصين للالتزام بالاتفاق. وفي وقت لاحق من السنة ذاتها، اتهمت "وكالة الأمن القومي" الصين بانتهاك الاتفاق، وكذلك أدانت وزارة العدل الأميركية القراصنة الصينيين بالتجسس الاقتصادي عبر الفضاء السيبراني للإنترنت. وهددت إدارة ترمب بفرض عقوبات على الشركات الصينية، غير أنها في نهاية المطاف طبقت عقوبات بحق عدد قليل من تلك الشركات.

من أجل واقعية سيبرانية لا توجد حلول تقنية لمشاكل جيوسياسية
تقييمات المشاركة : من أجل واقعية سيبرانية لا توجد حلول تقنية لمشاكل جيوسياسية 9 على 10 مرتكز على 10 ratings. 9 تقييمات القراء.

مواضيع قد تهمك

تعليق