ينهمك العلماء اليوم في جميع أنحاء العالم على محاولة فهم كيفية تغير المناخ بشكل أعمق، وكيف ستكون عليه تلك التغيرات في المستقبل؟ وتلك التي يجب علينا أن نتوقع حدوثها، وما هي الأحوال البشرية التي ستؤول إليها جراء ذلك التغير؟ وما هو الدور الذي تلعبه الأنشطة البشرية المتعلقة بالتصنيع والمسؤولة عن إنتاج تلك الغازات الدفيئة، المسؤول الأول عن حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري في ذلك التغير الهائل على أحوال كوكبنا؟
وبينما في اللحظة يوجد جدل حول احتمال حدوث تلك التغيرات المناخية المتطرفة، إلا أنه يوجد إجماع علمي واسع على أمرين اثنين:
الأول هو أن ارتفاع درجة حرارة كوكبنا أمراً لا لبس فيه والثاني هو أن التأثير البشري على نظام كوكبنا المناخي أصبح واضح للغاية.
فمتى بدأت القصة، منذ عام 1824 كان الفيزيائي الفرنسي، جوزيف فورييه، أول من وصف، تأثير الدفيئة، الطبيعي لكوكبنا. وفي عام 1861 أظهر الفيزيائي الإيرلندي، جون تيندال، أن ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء يمكن أن يسببان تغيرات في مناخ كوكبنا.
وفي عام 1895 خلُص الكيميائي السويدي، سفانتي أرهينيوس، إلى أن حرق الفحم الحجري الذي زاد منذ انطلاق الثورة الصناعية الأولى أواخر القرن الثامن عشر سيعزز تأثر الدفيئة.
وفي عام 1990 قدم الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ IPCC تقرير التقييم الأول عن حالة تغير مناخ كوكبنا، متكهنا وقتها بزيادة قدرها 0.3 درجة مئوية كل عقد من الزمن خلال القرن الواحد والعشرين. وفي عام 1997 تم تبني بروتوكول كيوتو، نسبة إلى مدينة كيوتو في اليابان التي عُقد فيها المؤتمر سنة 1996، ودخل حيز التنفيذ في عام 2005 واعتبَرَ أن بخار الماء من أهم الغازات الدفيئة، ولكن لأننا نحن البشر لا ننتجه بكميات كبيرة فليس لدينا سيطرة على مستوى تركيزه في الجو.
وأهم الغازات الدفيئة الناتجة عن الأنشطة البشرية هما غاز ثاني أكسيد الكربون الذي ينبعث أساسا من حرق الوقود الأحفوري مثل المنتجات النفطية والفحم الحجري، وإزالة الغابات، وتدهور أحوال الباقي منها، وإنتاج الحديد والصلب، وغاز الميثان الذي ينتج عن تربية الأبقار بشكل صناعي من خلال أنظمة تسمينها على نطاق واسع، فعندما تجلس البقرة لتجتر العشب مرة أخرى، ينتج عن زفيرها غاز الميثان الذي يدوم تأثيره في الجو 27 مرة ضعف تأثير غاز ثاني أكسيد الكربون.
يجب أن نعلم جيدا الآن أن كوكبنا يمتلك رئتين اثنتين لا يوجد غيرهما، هما البحار والغابات، واللتان تمتصان غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو، والتي يتم الآن تدميرهما بشكل ممنهج من خلال الأنشطة البشرية المتعلقة بالتصنيع، لصالح تربية الأبقار وزراعة أعلافها، وإقامة مزارع النخيل الزيتي لأجل إنتاج النوتيلا والشوكولا والزبدة النباتية، ولصالح إقامة المصانع التي تُلقي مخلفاتها في البحار والمحيطات، وإقامة المدن الجديدة والمجمعات الحضرية البشرية، والتي تقود البشرية قاطبة بخطى سريعة نحو حروب الجنسية.
تعليق